02 February 2025

المسؤولية القانونية عن إساءة برمجة أنظمة الذكاء الاصطناعي في التمييز بسبب الدين أو العرق

 



مقدمة

أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، مع التقدم التكنولوجي السريع، حيث أصبحت تستخدم في التوظيف، التمويل، الرعاية الصحية، وتطبيق القانون. ومع ذلك، فإنه تبرز مشكلات قانونية عندما تعكس هذه الأنظمة تحيزات معينة تؤدي إلى ممارسات تمييزية بناءً على الدين أو العرق. يثير ذلك تساؤلات حول المسؤولية القانونية لمطوري ومشغلي هذه الأنظمة، وكيفية تنظيمها لمنع الظلم الاجتماعي.

أولًا: الأساس القانوني للمسؤولية

1. المسؤولية المدنية

إذا تسببت أنظمة الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات تمييزية أضرت بأفرادٍ أو مؤسسات، يمكن مساءلة المطورين أو المستخدمين وفقًا لمبدأ الإهمال أو الخطأ التقني( طبقا لقواعد المسؤولية المدنية). يمكن أن تستند الدعاوى القضائية إلى قوانين مناهضة التمييز، مثل:

  • قانون الحقوق المدنية الأمريكي لعام 1964 (Title VII، المادة 703): يحظر التمييز في التوظيف بناءً على العرق أو الدين.
  • اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، المادة 22: تمنع القرارات المؤتمتة التي تؤدي إلى تمييز غير مبرر.
  • قانون المساواة في المملكة المتحدة (المادة 19): يحظر التمييز غير المباشر من خلال القرارات المؤتمتة.

2. المسؤولية الجنائية

في بعض الحالات، إذا تبين أن البرمجة تمت عمدًا بقصد التمييز، قد تواجه الشركات عقوبات جنائية وفقًا لقوانين مثل:

  • المادة 225-1 من القانون الجنائي الفرنسي: تجرم أي استخدام للتقنيات يؤدي إلى التمييز ضد الأفراد.
  • المادة 130 من القانون الجنائي الألماني: تحظر التحريض على الكراهية باستخدام أنظمة تقنية.

ثانيًا: أحكام قضائية ذات صلة

1. قضية "هونيفورد ضد أمازون" (2018)

اكتُشف أن نظام تقييم طلبات التوظيف في أمازون كان متحيزًا ضد النساء، ما أدى إلى استبعاده لاحقًا.

2. قضية "بوستان ضد وكالة تأمين العمل الأمريكية" (2020)

تمت مقاضاة وكالة حكومية بسبب استخدام نظام ذكاء اصطناعي رفض طلبات إعانات البطالة بناءً على معايير غير معلنة، ما اعتُبر تمييزًا غير قانوني.

3. قضية "شرطة نيويورك وبرمجيات التعرف على الوجه" (2021)

تمت مقاضاة شرطة نيويورك لاستخدامها برنامج تعرف على الوجه يعاني من تحيز ضد ذوي البشرة الداكنة، مما أدى إلى إجراءات قانونية حول مدى قانونية استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة.

ثالثًا: التحديات القانونية في إثبات المسؤولية

1. صعوبة تحديد المسؤولية

قد يكون من الصعب إثبات أن التمييز ناتج عن خلل في البرمجة أو الإهمال في تدريب الأنظمة، خاصة مع تعقيد الخوارزميات.

2. مشكلة "الصندوق الأسود" (Black Box Problem)

الخوارزميات المعقدة تجعل من الصعب تفسير كيفية وصول النظام إلى قرارات معينة، مما يعوق التحقيق القانوني.

3. التحيز غير المباشر

حتى لو لم يكن هناك نية للتمييز، فإن البيانات المستخدمة في تدريب الأنظمة قد تعكس أنماطًا تاريخية من التمييز، مما يؤدي إلى نتائج غير عادلة.

رابعًا: آليات الحد من التمييز والمساءلة القانونية

1. تعزيز الشفافية

يجب على الشركات تقديم وثائق واضحة حول كيفية عمل أنظمتها وإتاحة مراجعات مستقلة.

2. استخدام بيانات غير متحيزة

يجب أن تخضع البيانات المستخدمة في تدريب الأنظمة لمراجعات دورية لضمان تنوعها وعدالتها.

3. الامتثال للقوانين واللوائح

ينبغي على المطورين الالتزام بالتشريعات الوطنية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإنشاء سياسات داخلية لمكافحة التمييز.

الخاتمة

يمثل إساءة برمجة أنظمة الذكاء الاصطناعي مصدر قلق قانوني وأخلاقي، يتطلب تنظيمًا دقيقًا لضمان عدم استخدامها كأداة للتمييز. وبينما لا تزال القوانين في هذا المجال قيد التطوير، فإن الالتزام بالممارسات الأخلاقية والشفافية يمكن أن يساعد في الحد من المخاطر القانونية وضمان عدالة هذه الأنظمة للجميع.



تم كتابة هذا المقال بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي